Скачать или смотреть الخوئي امام المذهب المرجعي 9 – المذهب الاثنا عشري – ق2 – الجمود على الأخبار ورفض ولاية الفقيه

الخوئي امام المذهب المرجعي -9 – المذهب الاثنا عشري – ق2 – الجمود على الأخبار ورفض ولاية الفقيه

رغم انقطاع الأئمة وغيبة الامام الثاني عشر، فان علماء الامامية ظلوا يرفضون ممارسة الاجتهاد، وذلك لأنهم كانوا يشترطون حصول العلم اليقيني بأحكام الدين من أهل البيت (ع) ، وذلك عبر الاخبار الخاصة الواردة عنهم ، ويحرمون العمل بالقياس والأدلة الظنية. ولم يفهموا من "التوقيع" المنسوب الى (الامام المهدي): "وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة أحاديثنا" سماحا لهم بالاجتهاد. وألف أبو سهل النوبختي كتابين في (ابطال القياس) و (نقض اجتهاد الرأي) ، كما كتب ابن اخته الحسن بن موسى النوبختي كتابا في نفس الموضوع وكتابا آخر في (خبر الواحد والعمل به) وكل هذه الكتب تدور في مجال العمل بالاخبار ولم تتجاوز لكي تفتح باب (الاجتهاد) على مصراعيه لكي يشمل القياس أو القياس العلمي واستنباط روح الشريعة الاسلامية واستحداث المسائل الجديدة.

وروى النعماني محمد بن ابي زينب (ت 360) في ( تفسيره ) حديثا عن الامام الصادق (ع) جاء فيه : "وأما الرد على من قال بالاجتهاد فانهم يزعمون ان كل مجتهد مصيب ...على انهم لا يقولون انهم مع اجتهادهم اصابوا معنى حقيقة الحق عند الله عز وجل، لأنهم في حال اجتهادهم ينتقلون عن اجتهاد الى اجتهاد". الحر العاملي : وسائل الشيعة

وقد اتخذ عبدالرحمن بن قبة من الحديث النبوي الذي يقول : "اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي ..ألا وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض" دليلا على حتمية علم اهل البيت بالكتاب وعلم الدين كله ، واستنتج ضرورة التمسك بهم واخذ العلم منهم فقط . الصدوق، اكمال الدين ج1 ص 94 ـ95
كما اعتمد الشيخ الصدوق ( ت381 هـ ) على ذلك الحديث وأكد أن علم أهل البيت علم يقيني يكشف عن مراد الله عز وجل كعلم رسول الله (ص) ، وليس علما قائما على الاستخراج والاستنباط والاستدلال. ونفى امكانية معرفة تأويل القرآن بالاستنباط لأي أحد غير اهل البيت. الصدوق: اكمال الدين 100
وروى حديثا عن الامام علي بن الحسين يقول: " إن دين الله عز وجل لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقاييس الفاسدة ولا يصاب الا بالتسليم ، فمن سلّم لنا سلم ومن اقتدى بنا هدي ، ومن كان يعمل بالقياس والرأي هلك ، ومن وجد في نفسه شيئا مما نقوله اونقضي به حرجا كفر بالذي انزل السبع المثاني والقرآن العظيم ، وهو لا يعلم". الصدوق، اكمال الدين 324

واشتكى تلميذه الآخر محمد بن الحسن الطوسي (ت460) في :(المبسوط) من: قلة رغبة هذه الطائفة في الاجتهاد وترك عنايتهم به لأنهم ألفوا الاخبار ، وما رووه من صريح الالفاظ ، حتى ان مسألة لو غيّر ألفاظها وعبّر عن معناها بغير اللفظ المعتاد لهم لعجبوا منها وقصر فهمهم عنها". الطوسي، المبسوط، المقدمة ومع ذلك قال في (تلخيص الشافي): "أما القياس واخبار الاحاد والاجتهاد فقد بيّنا ... أنه لا يجوز التعبد به". المصدر ج1 ص 240
وقد استمرت معركة الشيعة الامامية ضد الاجتهاد حتى مطلع الألفية الهجرية الثانية عندما شن الميرزا محمد أمين الاسترابادي (ت 1036) في (الفوائد المدنية) حملة شعواء ضد انصار المدرسة الاجتهادية التي راجت في القرون الوسطى ، وقال: "ان الروايات التي ذكرها قدماء أصحابنا الاخباريين كالشيخين الأعلمين الصدوقين ، والامام ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني - كما صرح به في أوائل كتاب (الكافي) وكما نطق به في باب التقليد، وباب الرأي والقياس، وباب التمسك بما في الكتب، من كتاب (الكافي) ـ صريحة في حرمة الاجتهاد والتقليد، وفي وجوب التمسك بروايات العترة الطاهرة (ع) المسطورة في تلك الكتب المؤلفة بأمرهم ". المصدر ص 40

وكان الاخباريون ولا يزالون حتى اليوم، يحرمون تقليد (المجتهدين) الذين يستخدمون القواعد العقلية، ويحصرون (التقليد) في الائمة من آل البيت فقط. انظر مقدمة (الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة) للشيخ يوسف البحراني (1186هـ 1772 م) .

الموقف السلبي من الاجتهاد يؤدي الى رفض ولاية الفقيه

وقد كان من البديهي اذن بعد القول بحرمة الاجتهاد ان يتخذ الأخباريون أنصار نظرية (التقية والانتظار) موقفا سلبيا من نظرية (ولاية الفقيه) وذلك لفقدان شرط العلم الالهي والعصمة في الفقهاء والمجتهدين.
واذا كان بعض الفقهاء قد اضطر، منذ بداية القرن الخامس الهجري وبالذات منذ عصر المفيد والمرتضى والطوسي ، الى فتح باب الاجتهاد شيئا فشيئا ، فان الموقف العام للعلماء الاوائل ظل سلبيا من مسألة (ولاية الفقيه) وقيام الفقهاء بتشكيل الدولة في عصر الغيبة. وقد طرح المعتزلة والزيدية نظرية (ولاية الفقيه) على الشيعة الامامية ، في ظل (الغيبة الكبرى) ، ولكن الالتزام بنظرية (الإمامة) منع الاجيال الاولى من قبول نظرية (ولاية الفقيه) ، ودار نقاش حام بين الطرفين حول هذا الموضوع ، نقله الشيخ الصدوق في مقدمة (اكمال الدين) ، حيث نقل مقتطفات من كتاب :(الاشهاد) لأبي زيد العلوي ، وكتاب علي بن احمد بن بشار، حول الغيبة وولاية الفقيه ، ورد المتكلم عبدالرحمن بن قبة عليهما ، وقد استند ابن قبة في رفضه لنظرية (ولاية الفقيه) على رفضه للاجتهاد ، وحتمية وجود العالم المفسر للقرآن الكريم من اهل البيت ، واستنتج ضرورة اشتراط العصمة في الامام. الصدوق، اكمال الدين ج1 ص 94 ـ95
وقد اعتمد الطوسي في رفض نظرية :(ولاية الفقيه) على ضرورة علم الامام (أي الحاكم) بجميع أحكام الدين، علما يقينيا قاطعا ، وقبح ولاية الفاقد للعلم ". الطوسي ، تلخيص الشافي للمرتضى ج1 ص 236


وبالرغم من قول الحلي بنيابة الفقيه عن الامام المهدي في بعض ابواب الفقه كالخمس، الا انه كان يلتزم بنظرية :(التقية والانتظار) بصورة عامة ، ككثير من الفقهاء المتأخرين الذين مالوا في العصور الاخيرة الى القول بنظرية (ولاية الفقيه) بشكل جزئي وتدريجي، لا يصل الى درجة الولاية العامة.