Скачать или смотреть بين الكنة والحماية . الصراع التاريخي

هي حكاية الصراع الصامت، والمواجهة المبطّنة، بين امرأتين اجتمعتا على رجلٍ واحد، لا بمعنى العشق، بل بمعنى الانتماء: الزوجة، وأم الزوج.

الزوجةُ آتيةٌ من عالمٍ آخر، تحمل قلبًا حالماً ببدايةٍ جديدة، وبيتٍ تصوغه بيديها، وتملؤه بحضورها، ودفئها، وهمسها، وعطرها. أما الأم، فليست امرأةً كسائر النساء؛ إنها الجذرُ الأول، المصدر، اليد التي أمسكت بتلك اليد، والروح التي لم تعتد أن تتقاسم ابنها مع أحد. تراها تشعر — في لا وعيها — أن هذه الوافدة الجديدة قد سرقت منها شيئًا، أو كادت.

ليس الأمر حربًا، لكنه نزاع خفيّ على الحضور والمكانة. فالأم ترى في ابنها استمرارًا لها، وبعضًا من ذاتها، وتخشى أن تبتلعه الزوجة في دهاليز العشق والتغيير. والزوجة ترى في زوجها رفيقَ عمر، ومشروع حياة، وتخشى أن تبقى دومًا "غريبةً" في عيون أمه.

الصراع إذًا ليس صراع حب، بل صراع سيادة. من سيدة البيت؟ من تحكم المفاتيح؟ من يُستشار أولًا؟ من يُقدّم له الفنجان؟ من تحكم سُلّم العواطف؟ إنها أسئلة لا تُقال، لكنها تُشعر، وتُرمى بنظراتٍ عابرة، وتعليقاتٍ مقتضبة، وخطواتٍ محسوبة.

وفي المنتصف يقف الزوج، لا كفارسٍ شجاع، بل غالبًا كصبيٍّ حائر بين اثنتين: إن نصرَ زوجته، اتُّهِمَ بالعقوق. وإن انحازَ لأمه، طُعِنَ في رجولته. وإن لزم الصمت، ترك الجرح يكبر بصمتٍ أشدّ.
#أحمد_فاخوري #اللغة_العربية #قصائد