عصابات نهب الذهب من منطقة الساحل

Описание к видео عصابات نهب الذهب من منطقة الساحل

تستمر دول الساحل الإفريقي في تلقي ضربات متتالية بسبب هشاشتها السياسية والأمنية، ما فتح الباب على مصراعيه أمام التدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية. وفي الوقت الذي تعاني فيه هذه الدول من تصاعد العنف المسلح والفقر المستشري، تقف سلطاتها عاجزة عن مواجهة هذه التحديات، بل وتتواطأ بشكل فاضح في تسهيل دخول القوى الأجنبية، مما يعكس مستوى مهينًا من التهاون وضعف السيادة الوطنية. يبدو أن حكومات الساحل لم تعد ترى في نفسها القدرة على حل أزماتها الداخلية، فاختارت الركون إلى قوى خارجية تنتهز الفرص لإحكام سيطرتها على هذه الدول الغنية بالموارد الطبيعية.

هذه الدول، التي تعاني من انعدام الاستقرار السياسي والنزاعات المسلحة، لم تجد سوى في التدخل الأجنبي مسكنًا مؤقتًا لمشاكلها. على سبيل المثال، تعمدت حكومة مالي، التي شهدت انقلابًا عسكريًا في عام 2021، السماح بزيادة النفوذ الروسي عبر مجموعة "فاغنر"، وهي مجموعة مرتزقة تعمل على خدمة المصالح الروسية في المنطقة تحت غطاء "محاربة الإرهاب". هذا التدخل، الذي تم بموافقة حكومية صريحة، أدى إلى تعقيد الأوضاع أكثر مما ساعد على حلها. إن تهاون السلطات في السماح لهذه الجماعات بالعمل داخل حدودها هو خيانة لأرواح شعوبها التي تأمل في الأمن والاستقرار. بدلًا من تعزيز مؤسساتها الأمنية والسياسية، تقوم هذه الحكومات بتسليم زمام الأمور لأطراف خارجية، مما يضعف سيادتها ويجعلها رهينة للمصالح الأجنبية.

في النيجر، الأمر ليس مختلفًا كثيرًا، حيث تعاني من نفس الأزمات المتعلقة بالصراعات المسلحة في الشمال والشرق. بدلاً من مواجهة هذه التحديات بسياسات وطنية شجاعة وجريئة، فضلت السلطات هناك اللجوء إلى دعم فرنسا والولايات المتحدة، وهما قوتان تسعيان بشكل علني إلى تحقيق مصالحهما في منطقة الساحل، خاصة فيما يتعلق بالثروات الطبيعية كالنفط واليورانيوم. لقد أظهرت السلطات في النيجر ضعفًا في إدارة مواردها وصراعاتها الداخلية، ما دفع بالقوى الأجنبية إلى التدخل بذرائع مختلفة، مثل مكافحة الإرهاب وحفظ الأمن، ولكن في الحقيقة هي مجرد ستار يخفي مصالح اقتصادية واستراتيجية بحتة.

إذًا، ما الذي يدفع سلطات دول الساحل إلى هذا المستوى من التهاون؟ الإجابة تكمن في الفساد المستشري داخل هذه الأنظمة السياسية. في معظم دول الساحل، يسيطر النخب السياسية على مقدرات الدولة، غير عابئين بمصير شعوبهم، وغالبًا ما يجنحون إلى التعاون مع القوى الخارجية في مقابل الحفاظ على مواقعهم في السلطة. الحكومات في هذه الدول تحولت إلى بيادق في أيدي القوى الكبرى، حيث تفضل الصمت والتواطؤ على أن تحاول فعلاً استعادة السيادة الوطنية أو حل مشكلاتها بطرق نابعة من إرادة شعبية.

لا يمكن إغفال أن الفشل السياسي الداخلي هو السبب الرئيسي وراء هذه التدخلات. فالدول التي لا تمتلك نظامًا سياسيًا قويًا وقائمًا على العدالة والتنمية لا تستطيع مقاومة النفوذ الأجنبي. في بوركينا فاسو، التي تعاني من الفقر الشديد والهجمات الإرهابية المستمرة، يجد الجيش نفسه مجبرًا على التعامل مع فرنسا وروسيا في آنٍ واحد، في محاولة يائسة للسيطرة على الفوضى المتزايدة. هذا الازدواج في الولاءات هو نتيجة مباشرة لانعدام الإرادة السياسية الحقيقية لتطوير حلول داخلية للنزاعات، فضلًا عن الفساد الحكومي المستشري الذي يعيق أي تقدم نحو تحقيق سيادة حقيقية.

لكن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق السلطات المحلية، بل يمتد اللوم أيضًا إلى المجتمع الدولي الذي يغض الطرف عن هذه التدخلات. فالقوى الكبرى التي تتدخل في الساحل لا تهدف إلى تحقيق الاستقرار بل إلى استغلال الفرص السانحة لنهب الثروات الطبيعية وتوسيع نفوذها الجيوسياسي. وبدلاً من دعم جهود التنمية وتحقيق الاستقرار طويل الأمد، تساهم في تعميق الأزمات من خلال توفير الدعم العسكري والمادي للحكومات الفاشلة.

إن السماح بالتدخل الأجنبي في شؤون دول الساحل هو إدانة صريحة لفشل السلطات المحلية في إدارة شؤونها الداخلية. إذا كانت هذه الدول تسعى حقًا إلى الخروج من دوامة العنف والفقر، فعليها أولاً أن تعيد النظر في تحالفاتها وتدرك أن الحل الحقيقي يكمن في تعزيز مؤسساتها الوطنية وإعادة بناء الثقة بين الشعب والحكومة. أما الاعتماد على القوى الأجنبية، فهو بمثابة اعتراف علني بأن حكومات الساحل قد فقدت السيطرة على مصيرها، وسلّمت إرادتها لقوى لا تكترث سوى بمصالحها الخاصة.


لقراءة المزيد زوروا موقعنا africainside.net

Комментарии

Информация по комментариям в разработке