من علمنا

Описание к видео من علمنا

وما آتاكم الرسول فخذوه:
سيسألني سائل: ما معنى قوله تعالى {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. أقول:
أولاً هذا جزء من آية الحشر 7 التي تتحدث عن الفيء ومصارفه، يقول تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
ثانياً: يقول تعالى {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} والإيتاء هو الإعطاء كما في قوله تعالى {وآتوا اليتامى أموالهم} وفي قوله {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}.
وهو الإحضار كما في قوله تعالى {آتنا غداءنا} وفي قوله {آتوني زبر الحديد}.
وهو الفعل كما في قوله تعالى {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم}. وكلها تصب في مدار الآية أي في الفيء ومصارفه. ولذلك نرى أن خصوصية السياق لا تسمح لنا بإطلاقه وتعميمه وسحبه على كل ما ورد في كتب الحديث. إلا أننا من جانب آخر لا ننكر أن طاعة الرسول في أمور كالشعائر واجبة كطاعة الله تماماً، لأنها تأتي مقترنة بها كما في قوله تعالى {وأطيعوا الله والرسول} وأن طاعته في حياته واجبة في كل الأمور.

من هذا الجانب، جانب طاعة الرسول الواجبة، أقول إن للرسول عموماً مهمة أساسية أوكلها إليه الله سبحانه، هي تبليغ الرسالة الموحاة إليه بأوامرها ونواهيها إلى الناس، بعد أن يقنعهم بصدق نبوته متسلحاً بما اصطفاه به ربه من آيات بينات. ونلاحظ أن جميع الرسل قبل النبي العربي (ص)، كانت آياتهم خارج الرسالات الموحاة إليهم. فإبراهيم كانت آيته النار وجعلها الله برداً وسلاماً، وموسى كانت له تسع آيات عددها سبحانه في التنزيل الحكيم، وعيسى كانت آيته أنه ولد من أم دون أب، وأنه أحيا الموتى وشفى المرضى بإذن الله. فكان الناس بعد أن يصدقوا نبوة النبي بمشاهدتهم لآياته، يطيعونه فيأخذون ما آتاهم وينتهون عما نهاهم عن أخذه، صلوات الله عليهم أجمعين.

أما النبي العربي (ص) فكانت آية نبوته لأمر يريده الله، داخلة في ثنايا الوحي الذي كلف بنقله وإعلانه وتبليغه للناس. أي أن التنزيل الحكيم الموحى يضم بين دفتيه آيات النبوة ورسالة الرسول العربي محمد بن عبد الله (ص).

من هنا فقد كانت مهمة النبي محمد (ص)، هي تبليغ الناس الآيات الكونية، وأخبار الخلق الأول التي تبرهن على أنه نبي، في ضوء ما يعرفه عنه قومه من صدق وأمية، وهذا يفسر لنا إلى حد ما غياب الجانب التشريعي من أوامر ونواه من الآيات المكية وظهورها واضحة في الآيات المدنية، وإن وجدت فهي أخلاقية إنسانية المحتوى. تمهيداً بعد تصديق الناس لنبوته، أن يبدأ دور الرسول في تبليغ الرسالة، وهذا كله نفهمه تماماً حين نفرق بين النبوة والرسالة، فالنبوة تحتمل التصديق والتكذيب، أما الرسالة فتحتمل الطاعة والمعصية.
.........................................................................الدكتور محمد شحرور رحمه الله.

Комментарии

Информация по комментариям в разработке