قصة حياة وممات عبد المحسن السعدون .. / قصص عراقية محمد خليل التميمي

Описание к видео قصة حياة وممات عبد المحسن السعدون .. / قصص عراقية محمد خليل التميمي

فجر يوم الاربعاء 13 تشرين الثاني 1929 جلس رئيس وزراء العراق عبد المحسن السعدون في بيته وعلى مكتبه ليخط اخر كلمات في حياته ثم اخرج مسدسه وسدد رصاصة الى قلبه.

ولد عبد بن فهد المحسن السعدون باسرة عزيزة في مدينة الناصرية عام 1879 ، وهم حكام أمارة المنتفك تاريخياً والتي كانت تضم عدد من مناطق وقبائل وعشائر جنوب ووسط العراق، اخذت اسمها من اميرها سعدون بن محمد .

وكالعادة وحاله حال شباب تلك المرحلة من ابناء الذوات درس عبد المحسن في المدرسة الرشيدية العسكرية العثمانية ثم تحول بعدها الى الاستانة ( اسطنبول) ليدرس في مدارسها الحربية هو واخيه عبد الكريم وبقي الاثنان هناك بعد تخرجهما فعينهما السلطان عبد الحميد الثاني كمرافقين له وبقيا يعملان هناك حتى خُلع السلطان عبد الحميد بانقلاب 27 نيسان 1909 .
استقر السعدون في اسطنبول حتى نهاية الحرب العالمية الأولى وعاد الى العراق مع جموع العراقيين العائدين بعد سقوط الدولة العثمانية وسرعان ما برز كإحدى الشخصيات الهامة في القيادة السياسية الجديدة في عهد الملك فيصل الأول.
في 19 تشرين الأول 1922 صدرت الإرادة الملكية بتشكيل المجلس التأسيسي العراقي ليقر تشكيل الوزارات والمؤسسات الحكومية وصياغة دستور المملكة العراقية الجديدة ، وقد تشكل المجلس من الشخصيات البارزة من مدنيين وعسكرين، والذين ادوا دوراً في استقلال العراق وتأسيس دولته، منهم عبد الرحمن النقيب الكيلاني الذي صار اول رئيس وزراء ثم عبد المحسن السعدون وبكر صدقي ورشيد عالي الكيلاني ونوري السعيد وجعفر العسكري ثم عبد الوهاب بيك النعيمي وغيرهم .
افتتح الملك فيصل الأول المجلس التأسيسي عام 1924 وتم اجراء انتخابات رئاسة المجلس، فأنتخب عبد المحسن السعدون رئيساً، وداود الحيدري وياسين الهاشمي نواباً للرئيس.

عرف عن عبد المحسن السعدون بتقاطعه الدائم مع البريطانيين ونجح في حياته السياسية بتشكيل أربع وزارات برئاسته الاولى في عام 1922 والثانية عام 1925 اما الثالثة فكانت في عام 1928 والرابعة كانت بعدها بسنة اي في عام 1929.

السياسي عبد العزيز القصاب بمذكراته يصف ايام السعدون الاخيرة بالقول : كنت اقرب اصدقاء عبد المحسن السعدون واتذكر انه في عام 1928 حينما كنت رئيساً للمجلس النيابي بدأت وزارة عبد المحسن السعدون تسعى لتعديل الاتفاقيات المتصلة بالمالية والعسكرية من المعاهدة العراقية البريطانية المعقودة عام 1927 فلم تتمكن من اقناع دار الاعتماد البريطانية بهذا التعديل، فاضطرت الى تقديم استقالتها فوافق الملك على قبولها وطلب منها ان تدير الامور وكالة حتى يتعين خلفا لها.
وبعد ثلاثة أشهر تقريباً كلف السيد توفيق السويدي بتشكيل الوزارة وعاد عبد المحسن ليرأس المجلس النيابي.
وبعد انقضاء الدورة سافر الى لبنان للاستجمام، وبعد مرور شهرين يقول القصاب : طلب مني الملك فيصل ان اكتب كتاباً الى عبد المحسن استدعيه الى بغداد.وفعلا رجع السعدون وانتشرت الاخبار عن تأليف وزارة جديدة برئاسته على اثر تصريح بريطانيا بقبول العراق في عصبة الامم عام 1932..
وفي يوم 19 ايلول عام 1929 شكل السعدون وزارته من السادة: ناجي السويدي للداخلية، وياسين الهاشمي للمالية ومحمد امين زكي للاشغال والمواصلات، ونوري السعيد للدفاع، وعبد العزيز القصاب للري والزراعة، وناجي شوكت للعدلية، وعبد الحسين الجلبي للمعارف.
واجتمع الوزراء المذكورون في دار السعدون وتذاكروا في منهاج الوزارة واقروا اهدافاً لم تكن في صالح الانكليز منها وقف تمديد عقودهم واعادة النظر برواتب المفتشين والمستشارين وتبديل بعض مديري الادارة ومأموري المالية من البريطانيين . رفض الانكليز ذلك وصاروا يعاكسون السعدون بكل شي ، بينما كان يقابل اعتراضاتهم بصبر وحكمة وصارت امور الدولة المهمة بين المد والجزر..
وسار السعدون بتنفيذ خطة حكومته بدون تردد واعاد النظر برواتب الانكليز والغى المشتريات غير الضرورية بواسطة وكلاء التاج .
فاعترض الانكليز وعدد من النواب على إجراءات الحكومة واخذوا يستوضحون ويستفسرون من السعدون وهو يجيبهم باللين والهدوء حتى قام النائب معروف جياووك وقال له بالنظر لهذا المنهاج يظهر بأنكم تقصدون احداث الثورة في البلاد فتأثر السعدون من هذا الاتهام واراد ان يجيبه بشدة وقال لمن كان في جانبه من الزملاء: لازم اصرح الان واجيب هذا الجاسوس الانكليزي.. فمسكه ياسين الهاشمي الذي كان جالسا بجنبه فشاركته في التهدئة ومنعناه من ان يجيبه .

ولدي وعيني ومستندي علي.اعف عني لما ارتكبته من جناية، لاني سئمت هذه الحياة التي لم اجد فيها لذة وذوقاً مشرفاً. الامة تنتظر الخدمة، والانكليز لايوافقون، ليس لي ظهير..العراقيون طلاب استقلال ضعفاء عاجزون وبعيدون كثيرا عن الاستقلال، وهم عاجزون عن تقدير نصائح ارباب الناموس امثالي.. يظنون اني خائن للوطن، وعبد للانكليز، ما اعظم هذه المصيبة انا الفدائي الاشد اخلاصاً لوطني.. قد كابدت انواع الاحتقارات وتحملت المذلات في سبيل هذه البقعة المباركة التي عاش فيها ابائي واجدادي مرفهين. ولدي نصيحتي الاخيرة لك هي: ان ترحم اخوانك الصغار الذين سيبقون يتامى وتحترم والدتك وتخلص لوطنك. وان تخلص للملك فيصل وذريته اخلاصاً مطلقاً.اعف عني يا ولدي علي.
التوقيع عبد المحسن السعدون

Комментарии

Информация по комментариям в разработке