Скачать или смотреть 1211 اكتشاف نجم قزم تدور حوله سبعة كواكب مثل الأرض ولكن على بعد 39 سنة ضوئية

الذخائر 872
سبعة كرات أرضية دفعة واحدة
بقلم خالص جلبي

فرح الكوسمولوجيون تضاعف هذه المرة سبعة مرات. ليست كرة أرضية تشبه أمنا الأرض بل سبعة دفعة واحدة. إنها موجودة في نظام شمسي يبعد عنا 39 سنة ضوئية (السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في 365 يوما وهي تعادل تسعة ملايين مليون كم تقريبا). أي حوالي 350 مليون مليون كم وهو ماتحتاجه أسرع الطائرات للوصول إليه أكثر من 80 ألف سنة!
هذه الأراضين السبعة تدول حول نجم قزم اسمه ترابيست واحد (Trappist - 1). لقد اعتاد علماء الفلك على اصطياد نجم مع كوكب يشبه أرضنا، ولكن أن يجتمعوا بسبعة فهو المفرح سبعا. إنهم يقولون على الأقل من هذه المجموعة السباعية فيها ثلاثة يحتمل أن تحوي الماء على ظهرها، وهذا يعني بكلمة ثانية وجود الحياة فيها، كما جاء في محكم التنزيل وجعلنا من الماء كل شيء حي.
ولكن الأمر غير السار ـ لو وجدت كائنات على ظهر هذه المجموعة ـ فهي تعيش في كواكب باهتة الإضاءة، وليست مثل الأرض عندنا، التي تدفئنا فيها أمنا الشمس كل صباح بنورها الوهاج. ولأن النجم قزم صغير فهو يبث من النور ماهو جزء من مائتي جزء مما تطلقه شمسنا الدافئة. ولكن العلماء يعلقون على هذه السلبية فيقولون من رحم الشر يأتي الخير، فالبشر الذين يتنازعون ويتقاتلون على ظهر الأرض، ينتظرون دوما الضوء ليتابعوا نزاعاتهم. هنا قد تفيد الظلمة في تخفيف النزاعات لاندري؟ وإن كان البشر قد طوروا من المناظير الليلية مايفتكون ببعضهم بعضا دون رحمة، كما رأينا في طائرات الأباتشي التي كانت تفتك بالجنود العراقيين في ظلمات الليل البهيم وهم في خنادقهم مختبئين.
هناك أيضا جانب أيجابي من عالم الظلمات هذا، وهو الامتداد؛ فطالما وجدت هذه الكوكبة السباعية من الكواكب المتقاربة، وكأنها في رقصة عرس؛ فيمكن الانتقال من أرض لأخرى بسهولة، بل بناء حضارة وتخصيص كل كوكب لنشاط مستقل، مع إمكانية التنقل من كوكب لآخر. المسافة هنا قصيرة لعلها أقصر من رحلتنا إلى المريخ في ستة أشهر، بل في فترة قصيرة متحملة. أو حتى أن نفعل مع عتاة المجرمين، ومثيري الشغب، ومحبي القتل والجريمة من المرضى النفسيين، من أمثال عناصر داعش، أن نفعل بهم مافعلت بريطانيا بمجرميها بزرعهم في قارة بعيدة مثل استراليا ليعتدل مزاجهم ويبنوا حياة أقرب للعقل والرحمة.
يعلق علماء الفلك على هذا الاكتشاف الجميل: أننا نعيش في العصر الذهبي لعلم الكوسمولوجيا، بتطور إمكانيات الكشف عن (الكواكب) التي تدور حول شموس (نجوم) شتى، وهو مايحرك الأسئلة الكبرى الوجودية، هل نحن الوحيدون في هذا الكون الممتد؟، وهل يعقل أن نكون فقط اليتامى في الرحلة السرمدية؟ إذا كنا الوحيدون فهي معجزة، وإن كان ثمة كائنات أخرى فالمعجزة أكبر، وسيكون الفتح المبين حينما نرى هبوط كائنات جديدة من كواكب بعيدة على ظهر أمنا الأرض، كما توقع فرانسيس كريك مكتشف الكود الوراثية (اللولب الوراثي) مع زميله جيمس واتسون ونالا عليه جائزة نوبل.
السؤال الثاني كيف نشأت النجوم والمجرات؟ وهي اليوم ليست مجرتنا الوحيدة (درب التبانة أو طريق الحليب كما يسمونها Milkway) بل حسب (كارل ساجان) في كتابه الكون الذي نشره في حلقات من الإذاعة أن قبضة من رمال شاطيء فيها عشرة آلاف حبة رمل. أما النجوم والأنظمة الشمسية والكواكب المعلقة في قبة السماء فهي أكثر من كل حبات رمال شواطيء العالم أجمع، وهو تصور يدخل القشعريرة والرعدة في المفاصل، كما جاء في القرآن تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم. فإذا كانت مجرتنا فيها مائة مليار نظام شمسي فإن الكون المعروف حتى اليوم فيه مائة مليار مجرة فلنتصور الوضع. وهناك معلومة جديدة عن ثبات المجرات بوجود الثقوب السوداء في مركزها.
إن ناسا أرسلت من يخلف تلسكوب هابل (Hubble) الأسطوري بما هو أفضل منه؛ بتلسكوب شبكة جيمس (James Webb) إلى الفضاء الخارجي، كما أن الأوربيين يخططون لمشروع عملاق على الأرض، سوف ينتهي عام 2024م ببناء أعظم محطة فضائية على وجه الأرض في تشيللي من أمريكا الجنوبية في الصحراء الهادئة أتاكاما (Atacama Disert) حيث يطيب تأمل السماء في المساء، ونقول كما قال إبراهيم وهو يتأمل قبة السماء حين رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين.
في ضوء هذا الاكتشاف يتعجب الإنسان عن حماقة البشر في تطورهم الفكري وكيف كان الفكر الديني في أوربا في وجه تأملات العلماء وشطحاتهم الفكرية كما يقال فقد افتتح القرن السابع عشر بحادث جلل تقشعر منه الجلود. كان ذلك في السابع عشر من شهر فبراير من عام 1600م حين تم حرق المفكر والفيلسوف (جيوردانو برونو) وهو على قيد الحياة، عن عمر يناهز الثانية والخمسين، بعد اعتقال واذلال طويلين دام ثماني سنوات من قبل هيئة محكمة التفتيش، في ساحة عامة في روما، وعلى مرأى من جموع غفيرة شهدت منظر النار تأكل اللحم الإنساني الحي ببطء،
فأدرك برونو وهو يقف في وجه جلاديه أن هذه النيران المشتعلة سوف تضيء التاريخ للمستقبل فقال في هدوء: (ربما كنتم يا من نطقتم الحكم بإعدامي أشد جزعاً وخشية مني أنا الذي تلقيته).
وكانت النتيجة أن نفس المكان الذي شهد حرقه (بلاسا كامبو دي فيوري) شهد وضع نصب تذكاري عام 1889م علماً للتاريخ. وذكرى لأولي الألباب.