خطبة الجمعة ولد الهدى فالكائنات ضياء

أولا صلو على رسول الله صلى الله عليه وسلم
شكراً على المشاهدة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أكرم الوجود بمولد سيد البشر، وجعل رسولنا محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، أحمده سبحانه وتعالى على نعمة الإسلام، وأشكره على نعمة الهدى والإيمان. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

*أما بعد، أيها المسلمون،*
نقف اليوم وقفة تأمل وتدبر في مناسبة عظيمة، إنها ذكرى ميلاد خير البرية، حبيبنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم، مولده الذي أضاء الله به الكون بعد أن كان يعيش في ظلمات الجهل والكفر. إنه يوم ميلاد النور، يوم تجددت فيه الأرض وتزينت السماء، في هذا اليوم المبارك أشرق النور الذي لم يخفت حتى يومنا هذا.

*"ولد الهدى فالكائنات ضياء"*
إن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ليس كأي ميلاد، بل هو ميلاد الرحمة والهداية والنور. وكما قال الشاعر:
*وُلِدَ الهُدى فالكائناتُ ضياءُ*
*وفمُ الزمان تبسّمٌ وثناءُ*

عندما جاء محمد صلى الله عليه وسلم، كان العالم يتخبط في ظلمات الجهل والشرك. جاءت رسالته لتخرج الناس من عبادة الأصنام إلى عبادة الله الواحد، ومن الظلم إلى العدل، ومن الجهل إلى العلم، ومن الفرقة إلى الوحدة. قال الله تعالى في محكم التنزيل:
*"لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم"* [التوبة: 128].

*مولد النور والخير*
مولد النبي صلى الله عليه وسلم هو مولد التحول الجذري للبشرية، فقد بدأ العالم من تلك اللحظة يشهد التغيير الذي أحدثته رسالة الإسلام. فهو القائل:
**"إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"**.
فكان أخلاقه صلى الله عليه وسلم هي ترجمة حية لهذه الرسالة، فشهد له القريب والبعيد بالصدق والأمانة، والإحسان والرحمة.

أيها المسلمون،
إن تذكر مولد النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجرد ذكرى نمر بها، بل هي محطة نستلهم منها المعاني العظيمة، ونجدد بها التزامنا تجاه هذه الرسالة العظيمة. إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن رحمة لأمة بعينها، بل كان رحمة للعالمين. قال الله تعالى:
*"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"* [الأنبياء: 107].

*الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم*
لعل أفضل ما نقدمه في هذه المناسبة المباركة هو تجديد العهد على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأخلاقه. إن حب النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجرد كلمات تقال، بل هو اتباع لسنته وسير على هديه. فهو الذي علمنا كيف نعيش حياة طيبة متوازنة، تحكمها القيم والمبادئ السامية.

أيها الأحبة،
لقد كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم كلها درسًا للبشرية في الصبر، والرحمة، والعدل، وحسن التعامل مع الناس. دعونا نعيش على هديه، نأخذ من سيرته ما ينير حياتنا، ونعمل بما جاء به لنكون من الفائزين في الدنيا والآخرة.

*ختامًا،*
أسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يجعل حبنا لرسولنا صلى الله عليه وسلم حُبًا حقيقيًا يتجلى في اتباع سنته والعمل بها. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.