تعريف السمع و البصر و الفؤاد..عبقرية لا تجدها عند شيوخ د. محمد شحرور

Описание к видео تعريف السمع و البصر و الفؤاد..عبقرية لا تجدها عند شيوخ د. محمد شحرور

القراءة المعاصرة للتنزيل الحكيم
السمع والبصر والفؤاد:

لقد جاءت الألفاظ الثلاثة “السمع والبصر والفؤاد” مجتمعة في عدة أماكن في الكتاب كقوله تعالى:

{ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً} (الإسراء 36).
{والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} (النحل 78).
{قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون} (الملك 23).
{ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون} (السجدة 9).
نلاحظ في هذه الآية كيف ربط بين السمع والبصر والفؤاد فالسمع هو وظيفة لعضو هو الأذن، والبصر وظيفة لعضو هو العين، وفي اللسان العربي لا تعطف إلا الصفات بعضها على بعضها أو الموصوفات بعضها على بعض. ففي عطف الموصوفات قال: {ألم نجعل له عينين * ولساناً وشفتين * وهديناه النجدين} (البلد 8، 9، 10).

هنا نلاحظ في الآيات الثلاث من سورة البلد كيف ذك الأعضاء فبدأ بالعينين ثم تلا ذلك اللسان والشفتين ولم يقل بصراً ولساناً أو بصراً وشفتين، وهنا تأتي النتيجة المباشرة بأن النجدين هما أعضاء وهنا بمعنى الثديين. يدلك على هذا وضع النجوم بين الآيات الثلاث إذ لم يضعها في آية واحدة لتبيان اختلاف الوظائف لهذه الأعضاء.

وبما أن السمع والبصر هما وظائف لأعضاء، وبما أنه عطف الفؤاد عليهما نستنتج أن الفؤاد وظيفة لعضو وليس عضواً، فالفؤاد هو الإدراك الناتج عن طريق الحواس مباشرة وعلى رأس هذه الحواس السمع والبصر لأن التفكير الإنساني بدأ بهما أي الإدراك المشخص بحاستي السمع والبصر. وهو المقدمات المادية للفكر الإنساني. لذا قال عندما رمت أم موسى ولدها في اليم بيديها ورأت ذلك بأم عينيها {وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً} (القصص 10). أي أن المقدمات الحسية عند أم موسى جعلتها في وضع حيواني انعكاسي غير قادرة على التفكير فعندما يتعدى إنسان على قطط صغار فإن تصرف الأم يأتي مباشرة وتبدي استياءها مباشرة وتبدأ بالدفاع عن أطفالها لذا أتبعها بقوله: {إن كادت لتبدي به}.

وكذلك قوله عن تنزيل القرآن مرتلاً: {وقال الذين كفروا لولا نُزِّلَ عليه القرآن جملةً واحدةً كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً} (الفرقان 32). هنا ذكر الفؤاد في مجال التنزيل هو تبليغ القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم بشكل مباشر عن طريق الوحي حيث أن القرآن لم يأت للنبي صلى الله عليه وسلم عن طريق السمع والبصر لكي يتثبت الإنسان ما سمع وما أبصر، ولو جاءه دفعة واحدة لوقع فيه الشك بين الوهم والحقيقة. علماً بأن بداية الوحي كانت بداية فؤادية بحتة حيث جاءه جبريل صوتاً وصورةً وعله {اقرأ باسم ربك الذي خلق} (العلق 1) ولو بدأ الوحي بداية مجردة لما صدق النبي صلى الله عليه وسلم ذلك. وهذه ناحية مهمة جداً لنا نحن المسلمين بأن بداية الوحي كانت بداية فؤادية لها علاقة مباشرة بالسمع والبصر حيث جاءه جبريل مشخصاً.

وكذلك نفهم شروط الشهادة التي يجب أن يؤديها الإنسان. فحتى لا تكون الشهادة شهادة زور يجب أن تكون شهادة فؤادية أي معلومات معتمدة على السمع والبصر مباشرة. أما إذا كانت غير ذلك كالرأي الاستنتاجي أو الاستقرائي فتسمى خبرة وليست شهادة. ومن الآية رقم “78” من سورة النحل نستنتج أن الإنسان يولد خالياً من كل المعلومات، أي أن المعلومات المخزنة عنده تساوي الصفر، والحواس وعلى رأسها “السمع والبصر” هي مصدر بداية المعلومات، فالفؤاد “الإدراك المشخص” يعتبر المقدمات المادية للفكر الإنساني المجرد. أي أن الفؤاد يعتبر المرحلة الأولى من مراحل التفكير الإنساني-وهو القاسم المشترك بين أهل الأرض جميعاً عالمهم وجاهلهم-ذكيهم وغبيهم. “انظر فرع نشأة الفكرة وارتباطه باللغة”. وهكذا نفهم لماذا يعتبر التلفزيون أهم وسيلة للإعلام ظهرت في العالم .. لأنه مصدر معلومات فؤادي يعتمد على السمع والبصر “صوت وصورة” ولأنه جذب معظم أهل الأرض ودخل في حياتهم.

وهنا نفهم قوله تعالى: {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء .. الآية} (البقرة 255). هنا ربط المشيئة بحرف الجر “الباء” بقوله “بما شاء” وهذا يعني أن المعلومات التي يحيط بها الإنسان تأتي بالوساطة التي أرادها الله وهي السمع والبصر والفؤاد. وأيضاً ربط الفؤاد بالسمع والبصر لكي يميز بداية التفكير الإنساني عن البهائم، فالبهائم لها سمع وبصر وفؤاد انعكاسي ولكنها دون فؤاد إنساني. وقد أعطى الكتاب معنى قياسياً للفؤاد حيث هو في اللسان العربي من “فأد” وهو أصل صحيح يدل على حمّى وشدة حرارة ومن ذلك فأدت اللحم أي شويته. وقد سمي بذلك الفؤاد لأنه مقدمات أو هو المرحلة الأولية من مراحل الفكر الإنساني، وقد أعطى القرآن هذا المعنى على أنه معنى حمول على المعنى الأول حيث أن الفؤاد هو بمثابة الصاعق “المحرض” أو مرحلة الإقلاع للفكر الإنساني.

Комментарии

Информация по комментариям в разработке