كيف نُعيد طيور القطا وأحياء برية للتكاثر بأماكن انقرضت منها بلا تكلفة تُذكر؟!

Описание к видео كيف نُعيد طيور القطا وأحياء برية للتكاثر بأماكن انقرضت منها بلا تكلفة تُذكر؟!

أعرض لقطات مختارة من المناظر المغرية والمشاهد المبهجة من قلب الطبيعة البرية، وأجزم أنها ستبثُ شعورا بالمتعة على الأقل المتعة البصرية، لكن الهدف من الفيديو طرح أفكار لإعادة مخلوقات في الحياة البرية أصبحت مفقودة من بيئتها الأصيلة وأن نجعلها تتكاثر في الطبيعة وبدون تكلفة مالية تستحق الذكر.
فماذا لو قلتُ لك أن جمالَ الأسراب الهائلة من طيورِ القطا التي تشاهدها في الفيديو؛ وهي قد هجرت براري السعودية بسبب عوامل معروفة أبرزها الصيد الجائر، فماذا لو قلت أنها ستعود للتكاثر هكذا في الأماكنِ التي هجرتها، وبدون إنشاء مراكز إكثار كمراكز تفريخ وإكثار الحبارى. تلك المراكز التي أمضت عشرات السنين وفشلت في الحد من تناقص الحبارى التي تعيش في الطبيعة الفطرية ولم تحد من استمرار تهديدها بالانقراض فضلا عن أن التفريخ ينشأ عنه سلالات مدجنة ليست بقوة السلالات التي تعيش وتتناسل في الطبيعة البرية النقية.
إن الاهتمام بإعادة توطين الحياة الفطرية في السعودية متقدم وشهد إنجازات مُعترف بها لكنه مازال محصورا في المها العربي والوعل النوبي وظبي الريم وظبي الإدمي والحبارى مع تجاهل الأحياء الأخرى كالأرانب البرية والوبر الصخري والمفترسات الصغيرة وأنواع أخرى بما فيها طيور قل انتشارها كالقطا وغيرها.
لطيور القطا أسرار عجيبة، وهي من أجمل الطيور لكن أعدادها قلت وانقطعت عن براري واسعة. وسأتخذها نموذجا لكيفية إعادة مخلوقات فطرية فقدناها في مواطنها الطبيعية ونجعلها تتكاثر مكملة السلسلة الغذائية أو التنوع الأحيائي في الطبيعة البرية وأن يكون ذلك دون تكلفة تُذكر.
أتأمل في أهم مفاتيح فهم الطبيعة الفطرية للقطا بالتطبيق في مشاهد صوّرتها بكاميرات مراقبة وكاميرات ذات عدسات بعيدة المدى وكاميرات مخفية تحت الشجر. ستلاحظ حذر القطا في طريقة شربه للماء الذي يحتاجه يوميا هو وأفراخها. وتشاهد كيف تتعاون وتطلق تغريدا لتحذر بعضها البعض أول ما تطير إذا شعرت بخطر أو تهديد. ويبلغ حذر سرب القطا حينما يقبل لشرب الماء أن يحوم حوله ليتأكد من عدم وجود تهديد بل يحدث أن يتقدم واحدٌ منها ويهبط على الأرض قريبا من الماء كأنه مخبر سري للسرب كي يتأكد من أن المكان ليس فيه خطر كالمفترسات والجوارح وغيرها، ويبقى السرب يحوم قليلا ثم يهبط بجوار الذي هبط أولا قبل أن يتقدم ليشرب. وهكذا نخرج بخلاصة أن القطا الذي يعيش في البرية حساس للغاية وحذر جدا.
إن حذر القطا فطري حتى عند صغاره، حيث يضع القطا بيضه في نقرة صغيرة على الأرض ويتعمّد أن تكون بعيدك عن الأشجار الكبيرة التي لا تخلو من اقتراب الجوارح والمفترسات والزواحف. ويتناوب الزوجان في حضن البيض وإذا طارا لشرب الماء حتى لو بعدت المسافة فإن الله وهبها قدرة العودة إلى المكان بدقة وكأن في رؤوسها أجهزة تتبع إلكترونية. وإذا فقس وخرج الأفراخ فإنها تتولى تغذية نفسها بنفسها وتتنقل في محيط المكان تلتقط غذاءها وتتخفى سريعا بانتظار الأب الذي يجلب لها قطرات الماء يوميا حيث ينقله بواسطة ريشه ويأتي إلى صغاره التي تتلقف القطرات من صدره وبطنه كأنها ترضع الماء، فالقطا يحتاج الشرب يوميا وليس مثل بعض الطيور الصحراوية كالقبرات والحبارى والهدهد وغيرها من التي تستغني عن الماء بسوائل تجدها في أجزاء من النباتات الرطبة والحشرات والديدان.
ويعتبر فصلي الربيع والصيف موسم تزاوج القطا وتفريخه، ويقيم في براري منبسطة ووعرة وآمنة يتوافر فيها التخفي، ويحتاج إلى مياه المستفعات حتى لو كانت تبعد عشرات الكيلومترات، لكنه في بيئة صحراوية لا تهطل فيها الأمطار خلال فترة التزاوج والتفريخ،ولهذا كان القطا يلجأ للمزارع لشرب الماء ثم يلقى المطاردة والصيد ممن لا يدرون أنه في موسم تزاوج وتفريخ ينبغي تركه. وإذا تزايد على القطا في أي مكان التهديد والمطاردات فإنه يهجر المكان إلى غير رجعة.
نشأت أخيرا محميات ملكية في قرار حكيم، وفيها مساحات كانت سابقا مواطن للقطا، وتم منع الصيد ولهذا لن يواجه المطاردة في المحميات خلال مواسم التفريخ مما يوفر بيئة آمنة للأحياء الفطرية عامة. وقد رصدت في ربيع عام 2023م قطا الغطاط في أجزاء من محمية الملك عبدالعزيز الملكية لم يكن يشاهد فيها أبدا قبل الحماية، وشاهدتها بهيئة زوجين يتنقلان معا وهذا سلوك في موسم التزاوج أي أنها ستعود إلى مواطنها السابقة لكنها تحتاج إلى مصدر مياه في غير المواسم المعتادة للأمطار والمستنقعات. وهنا أقترح حلا بسيطا وهو إنشاء أحواض صغيرة في البيئات المناسبة لمعيشة القطا ليتم إعادة تعبئتها بالمياه باستمرار وبطرق غير مكلفة وتقنيات بسيطة ومتيسرة، والهدف أن يقدم للقطا الإغراء بحيث لا تلجأ الأسراب إلى المزارع التي سيصعب فيها الحد من مطاردتها وتخويفها خلال التزاوج. وبهذه الطريقة ستعود بالتدريج للتكاثر وتستقر في مواطنها التي أصبحت محمية، وأؤكد على إنشاء الأحواض من مواد صديقة للبيئة لا يدخل فيها البلاستيك. والأحواض التي أقترحها مع توفير الماء ليس من التدخل في الطبيعة بدليل أن الوعول التي لا تستغني عن الماء تكون إدارات محمياتها طوال السنين مجبرة خلال الصيف وقلة الأمطار أن تنقل المياه إلى أحواض في عمق مواقعها وإلا ستموت إن لم تشرب.
الخلاصة.. هذا نموذج يعتمد على معرفة وفهم طبيعة وطباع نوع من الأحياء الفطرية وتوفير البيئة الآمنة والمتطلبات التي تتفق مع سلوكه وتحد من أخطاء تلك الممارسات البشرية.
إن الاهتمام بالغزلان والحبارى وإعادة توطينها في بيئات محمية كانت ومازالت جهودا مقدرة وبحاجة إلى الاستمرار والتعزيز، حتى تعود في محميات جديدة وتنتشر باعتبارها أنواع فطرية أصيلة مفقودة، وأن وجودها مهم لكنها ليست الوحيدة في الطبيعة. فيوجد أنواع أخرى تستحق الاهتمام لاسيما أن المحميات توسعت ونحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى مزيد من تكثيف الأعمال الميدانية أكثر من الاستغراق داخل أسوار البنايات والمكاتب.
قناة محمد اليوسفي

Комментарии

Информация по комментариям в разработке