لقاء جلال الدين الرومي بشمس الدين التبريزي أو مرج البحرين...

Описание к видео لقاء جلال الدين الرومي بشمس الدين التبريزي أو مرج البحرين...

في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول سنة 1244 ميلادية، سيلتقي جلال الدين الرومي مع شمس الدين التبريزي، الشخص الذي سيقلب حياته رأسا على عقب. هذا اللقاء كان بمثابة ميلاد جديد لجلال الدين الرومي.
فمن يكون شمس الدين التبريزي هذا؟
المعلومات حول شمس الدين التبريزي شحيحة جدا، اسمه شمس الدين محمد بن علي بن مُلك داد تبريزي، حُكي عنه انه انسان ذو شخصية قوية جدا وعلى درجة كبيرة من الإعتداد الروحي، لم يسلم من نقده كبار الفلاسفة مثل فخر الدين الرازي و المتصوفة مثل الشيخ الاكبر محيي الدين ابن عربي. كان درويشا جوالا هائما بلا مأوى، ينتقل من مدينة إلى أخرى، حتى قيل لكثرة سفره، أنه يُرى في مكانين بوقت واحد. يُلقب بالطائر لأنه لا يستطيع أن يبقى في مكان واحد لفترة طويلة. رجل اتفق كل من تحدّث عنه أن له قوة روحية لا يضاهيه فيها أحد. شمس الدين التبريزي لم يكن أميا لا يعرف القراءة والكتابة كما ذهب إلى ذلك المستشرق الإنجليزي رينولد نيكلسون بل كان حكيما ملمّا بكل معارف عصره من فلسفة وشعر وعلم فلك ورياضيات، وترك كتابا هاما جدا يحمل عنوان "المقالات"، وفيه أمّهات أفكاره التي نقلها في ما بعد لتلميذه جلال الدين الرومي.
تقول المستشرقة الألمانية آن ماري شيمل أنه نُسجت حكايات كثيرة حول اللقاء الأول بين جلال الدين الرومي وشمس الدين التبريزي، ولكنّها ترجّح الرواية التي تقول؛ أنه عندما كان الرومي راكبا دابته وسط مدينة قونية وحوله مريدوه، أخذ شمس الدين التبريزي بعنان فرسه وسأله: من هو أعظم شأنا؛ النبي محمد أم أبا يزيد البسطامي؟
البسطامي هو أحد اعلام التصوّف عاش في القرن الثالث هجري وعُرف بمقولته الشهيرة "سبحاني ما أعظم شأني". وهذا ما كتبه جلال الدين الرومي نفسه عن هذا اللقاء الأﻭﻝ بشيخه ﺷﻤﺲ الدين ﺍﻟﺘﺒﺮﻳﺰﻱ.
يقول ﺍﻟﺮﻭﻣﻲ: ﺗﻮﻗﻒ ﻭﺍﺳﺘﺪﺍﺭ، ﻭﺍﺑﺘﺴﻢ ﻟﻲ ﻷ‌ﻭﻝ ﻣﺮﺓ، ﻭﻗﺎﻝ: "ﺣﺴﻨﺎ، ﻗﻞ ﻟﻲ ﺃﺭﺟﻮﻙ، ﻣﻦ ﻫﻮ ﺍﻷ‌ﻋﻈﻢ ﺑﺮﺃﻳﻚ: ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻡ ﺍﻟﺼﻮﻓﻲ ﺃﺑﻮ ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ؟"
ﻓﻘﻠﺖ: "ﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ؟ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺃﻥ ﺗﻘﺎﺭﻥ ﺑﻴﻦ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼ‌ﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼ‌ﻡ، ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﻨﺒﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ، ﻭﺑﻴﻦ ﺻﻮﻓﻲ ﺳﻴﺊ ﺍﻟﺴﻤﻌﺔ؟". ﺗﺠﻤﻊ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﺣﺸﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻔﻀﻮﻟﻴﻴﻦ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺪﺭﻭﻳﺶ ﺑﺪﺍ ﻏﻴﺮ ﻣﻜﺘﺮﺙ ﺑﻬﻢ، ﻭﻗﺎﻝ ﺑﺈﻟﺤﺎﺡ ﻭﻫﻮ ﻻ‌ ﻳﺰﺍﻝ ﻳﺤﺪﻕ ﺑﻮﺟﻬﻲ: "ﺃﺭﺟﻮ ﺃﻥ ﺗﻔﻜﺮ ﺑﺎﻟﻤﻮﺿﻮﻉ. ﺃﻓﻠﻢ ﻳﻘﻞ ﺍﻟﻨﺒﻲ: ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻏﻔﺮ ﻟﻲ ﻋﺠﺰﻱ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻚ ﺣﻖ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ: ﻃﻮﺑﻰ ﻟﻲ، ﻓﺄﻧﺎ ﺃﺣﻤﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺩﺍﺧﻞ ﻋﺒﺎﺀﺗﻲ؟ ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺟﻞ ﻳﺸﻌﺮ ﺃﻧﻪ ﺻﻐﻴﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻪ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺪﻋﻲ ﺭﺟﻞ ﺁﺧﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺤﻤﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻪ، ﻓﺄﻳﻬﻤﺎ ﺃﻋﻈﻢ؟".
ﺑﺪﺃ ﻗﻠﺒﻲ ﻳﺨﻔﻖ ﺑﻘﻮﺓ، ﻓﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻳﺒﺪﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﻏﺮﻳﺒﺎ، ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﺪﺍ ﻭﻛﺄﻥ ﺣﺠﺎﺑﺎ ﻗﺪ ﺃﺯﻳﻞ ﻭﻛﺎﻥ ﺗﺤﺘﻪ ﻟﻐﺰ ﻣﺜﻴﺮ ﻳﻨﺘﻈﺮﻧﻲ. ﺍﺭﺗﺴﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺘﻲ ﺍﻟﺪﺭﻭﻳﺶ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻣﺎﻛﺮﺓ، ﻣﺜﻞ ﻧﺴﻴﻢ ﻋﺎﺑﺮ. ﻭﻋﺮﻓﺖ ﺍﻵ‌ﻥ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﻨﻮﻧﺎ، ﺑﻞ ﻣﺠﺮﺩ ﺭﺟﻞ ﻳﻄﺮﺡ ﺳﺆﺍﻻ‌، ﺳﺆﺍﻝ ﻟﻢ ﺃﻓﻜﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ." "ﺃﺭﻯ ﻣﺎ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻟﻪ" ﻗﻠﺖ ﻟﻪ، ﻭﻟﻢ ﺃﺭﻏﺐ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﻊ ﺍﻟﺮﻋﺸﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻋﺘﺮﺕ ﺻﻮﺗﻲ ﺍﻟﻤﺘﻬﺪﺝ، "ﺳﺄﻗﺎﺭﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﻮﻟﻴﻦ. ﻭﻣﻊ ﺃﻥ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻋﻠﻰ، ﻓﺈﻧﻲ ﺳﺄﺧﺒﺮﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻜﺲ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ". ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺪﺭﻭﻳﺶ:" ﻛﻠﻲ ﺁﺫﺍﻥ ﺻﺎﻏﻴﺔ".
قلت :" ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻯ، ﻓﺈﻥ ﺣﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺤﻴﻂ ﻻ‌ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ، ﻭﻳﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺃﻥ ﻳﻨﻬﻠﻮﺍ ﻣﻨﻪ ﺃﻛﺒﺮ ﻗﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ. ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ، ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺠﻢ ﺍﻟﻜﻮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻪ. ﻓﻔﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺑﺮﺍﻣﻴﻞ، ﻭﻟﺪﻯ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺩﻻ‌ﺀ، ﻓﺈﻥ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻃﺎﺳﺎﺕ ﻓﻘﻂ.” ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﺗﺤﺪﺙ، ﺭﺣﺖ ﺃﺭﺍﻗﺐ ﻗﺴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﺭﻭﻳﺶ ﻭﻫﻲ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﺯﺩﺭﺍﺀ ﺧﻔﻴﻒ ﺇﻟﻰ ﺷﻜﺮ ﻭﺍﺿﺢ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺭﻗﻴﻘﺔ ﻟﺸﺨﺺ ﻳﺮﻯ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺷﺨﺺ ﺁﺧﺮ. "ﻛﺎﻥ ﻭﻋﺎﺀ ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ ﺻﻐﻴﺮﺍ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻲﺀ، ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻯ ﻋﻄﺸﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﻬﻞ ﺟﺮﻋﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﺳﻌﻴﺪﺍ ﺑﺎﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻠﻐﻬﺎ. ﻛﺎﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﺃﻥ ﻳﺪﺭﻙ ﺍﻹ‌ﻟﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ، ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﻨﻔﺲ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ، ﻓﻘﺪ ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﺪﻳﻪ ﻛﻮﺏ ﺃﻛﺒﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻟﻜﻲ ﻳﻤﻸ‌ﻩ. ﻟﺬﻟﻚ ﺳﺄﻟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ: ﺃﻟﻢ ﻧﺸﺮﺡ ﻟﻚ ﺻﺪﺭﻙ؟ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺷﺮﺡ ﺻﺪﺭﻩ، ﻭﻛﺎﻥ ﻛﻮﺑﻪ ﺿﺨﻤﺎ، ﻛﺎﻥ ﻋﻄﺸﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻄﺶ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ. ﻭﻻ‌ ﻋﺠﺐ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ:”ﺇﻧﻨﺎ ﻻ‌ ﻧﻌﺮﻓﻚ ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﻓﻚ، ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻛﺪ ﺃﻧﻪ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻛﻤﺎ ﻻ‌ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺷﺨﺺ ﺁﺧﺮ".

بعد هذا الجواب من جلال الدين الرومي على سؤاله، صاح شمس الدين التبريزي صيحةً عظيمة ثمّ وقعَ على الأرض، لقد وجد أخيرا خلّه وتوأم روحه. أما جلال الدين الرومي فيتحدّث عن وقع هذا اللقاء على نفسه فيقول:" أحسست أن هوة فتحت في قمة رأسي، وانبعث منها دخان تصاعد الى عرش السماء." ذلك اليوم كان بمثابة ميلاد جديد بالنسبة إليه، فلم يُرَ بعد ذلك اليوم إلا بصحبة شمس الدين التبريزي. هجر دروسه ومريديه والناس جميعا.
اللقاء بين شمس الدين التبريزي وجلال الدين الرومي الذي يُطلق عليه مرج البحرين، قورن بلقاء سقراط بأفلاطون في الفلسفة اليونانية، سقراط لم يدوّن شيئا وتلميذه أفلاطون هو الذي نقل لنا أفكاره في مؤلفاته، كذلك شمس التبريزي كلّ ما عرفناه حوله كان من خلال تلميذه جلال الدين الرومي ومصير شمس التبريزي يشبه إلى حد كبير مصير سقراط فكلاهما تجرّع كأس سمّ أولائك الذين لم يفهموا نور أفكاره.
لوعة الفراق سوف تفجّر ينابيع الإبداع عند جلال الدين الرومي، وكما قال متحدّثا عن نفسه: "صار الشيخ بسبب الفراق مجنونا
وصار المفتي بسبب العشق شاعرا".
هذا الشاعر سوف يُهدي للأدب الإنساني ديوان "المثنوي"، هذا الأثر الرائع الذي يسمّيه بعض النقاد بالقرآن الفارسي.
نجيب البكوشي.

Комментарии

Информация по комментариям в разработке