...القرآن الفارسي

Описание к видео ...القرآن الفارسي

المثنوي أو القرآن الفارسي.

يحتوي ديوان المثنوي لجلال الدين الرومي على 25632 بيتاً من الشعر، وفيه 424 قصة تسرد معاناة الإنسان للوصول إلى حبّه في* السماء. حمل الكتاب اسم "المثنوي"، نسبة إلى الوزن العروضي الخاص المستعمَل في نظمه، ويتألف من أبيات مفردة مقسمة على شطرين مقفَّيين. وبذلك يتحرر الشاعر من وحدة القافية فى القصيدة. جلال الدين الرومي كان يشكو دائما من الشعر المقفّى بشكله التقليدي، لأنه يقيِّده ويحدُّ من حريته في التعبير عمّا يريد، فكان يقول؛
"إنني أفكر في القافية ويقول حبيبي لا تفكر إلاَّ في لقائي
مستفعلن مستفعلن قتلتني."
قسَّمَ جلال الدين الرومي كتابه المثنوي إلي ستة أجزاء، وكل جزء له مقدِّمة خاصّة. من بين هذه المقدِّمات الست، ثلاثٌ باللغة العربية، وهي مقدِّمات الأجزاء؛ الأول والثالث والرابع، والأخريات بالفارسية.

يقول في مقدِّمة الجزء الأول، وهي مقدِّمة الكتاب كله: "هذا كتاب المثنوي، وهو أصول أصول أصول الدين في كشف أسرار الوصول واليقين، وهو فقه الله الأكبر، وشرع الله الأزهر، وبرهان الله الأظهر، مَثَلُ نُورِهِ كمشكاة فيها مصباح، يشرق إشراقًا أَنْوَرَ من الإصباح، وهو جِنان الجَنان، ذوات العيون والأغصان، منها عين تُسَمَّى عند أبناء هذا السبيل سلسبيلَا، وعند أصحاب المقامات والكرامات خيرٌ مقامًا وأحسن مقيلَا. الأبرار فيه يأكلون ويشربون، والأحرار منه يفرحون ويطربون، وهو كنيل مصر شرابٌ للصابرين، وحسرة على آل فرعون والكافرين، كما قال الله تعالى: يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ. وإنه شفاء الصدور، وجلاء الأحزان، وكشَّاف القرآن، وسعةُ الأرزاق، وتطييبُ الأخلاق بأيدي سَفَرةٍ، كرام برَرَة، يمنعون بألَّا يمسَّه إلا المطهرون، تنزيلٌ من رب العالمين لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، والله يرصده ويرقبه، وهو خيرٌ حافظًا وهو أرحم الراحمين، وله ألقاب أُخَرَ لقَّبه الله تعالى بها، واقتصرنا على هذا القليل، والقليلُ يدل على الكثير، والجرعة تدل على الغدير، والحفنة تدل على البيدر الكبير".
نلاحظ في هذه المقدِّمة، الحضور المكثّف للنص القرآني، وهذا الحضور سيتواصل في كل ديوان المثنوي من خلال المجاز اللغوي أو القصص القرآنيين. يسكن مثنوي الرومي النص القرآني، كنص مؤسس للحضارة العربية الإسلامية، لذلك سمّى الشاعر الفارسي عبد الرحمن الجامي ديوان المثنوي بالقرآن الفارسي، وقال؛ "إن جلال الدين الرومي لم يكن نبيا، ولكنه أوتي كتابا".

ضمّن جلال الدين الرومي ديوانه المثنوي 424 قصّة اقتبسها من مؤلف كليلة ودمنة، ومن عدة أمثولات هندية وفارسية وبيزنطية، وقام* بادخال بعض التعديلات على عناصرها لتبليغ حِكمه للقارئ. أذكر منها، قصة "الفيل في الظلام"، وقد أخذها من أمثولة هندية تحمل اسم "الفيل و العميان"، وتتحدث عن فيل نقلهُ هنود من بلدة إلى أخرى، وعند وصوله في الليل وضعوه في حظيرة، وتسلل الناسُ إلى الحظيرة في الظلام الدامس، وأخذ كلُّ إنسانٍ يتحسس الفيل، فالذي وجد الخرطوم قال إنّ الفيل إنما هو خرطوم ماء، وقال من لمس ظهره أنه يشبه السرير، وقال من لمس الأذن انه يشبه المروحة، وهكذا فكلُّ واحد ممن لمس الفيل ظنَّ أن ما لمسه هو كمالُ خلقة الفيل، بينما لم يشعر كل واحد منهم إلا بجزء من الفيل. يستنتج الرومي ان هذا هو حال المتعصّبين من الديانات الذين لمسوا من الحقيقة شيئًا ضئيلاً جدًا ظنوه كل الحقيقة.
يقول جلال الدين الرومي: «الحقيقة.. مرآة ألقى بها الرّحمان إلى عباده فتشظّت، وحظي كلّ منهم بجزء منها معتقدا أنّه الكلّ».

نجيب البكوشي، باحث وكاتب تونسي.

المراجع:
*مثنوي جلال الدين الرومي، ترجمة محمد عبد السلام كفافي.
*كتاب الشمس المنتصرة للمستشرقة الألمانية آن ماري شيمل، ترجمة: عيسى علي العاكوب.
* كتاب الرومي و التصوّف للمستشرقة الفرنسية إيفا ميروفيتش. Rûmî et le soufisme
*الديوان العربي لمولانا جلال الدين الرومي، تقديم الشاعر التونسي بشير القهواجي.

Комментарии

Информация по комментариям в разработке