نُور العالم - أحد الأعمى

Описание к видео نُور العالم - أحد الأعمى

عظة الأب سمعان أبو حيدر في أحد الأعمى
الأحد ٩ حزيران ٢٠٢٤ - كنيسة الظهور الإلهي - النقاش
نور العالم

باسم الآب والابن والروح القدس. المسيح قام!
في العام ١٤٥٣، سقطت عاصمة أعظم إمبراطورية في العالم على الإطلاق (تأسّست في روما عام ٢٧ ق م، وانتقلت عاصمتها إلى القسطنطينية عام ٣٣٠). سقطت بعد حوالى ١٥٠٠ عام من الوجود المتواصل. بعدما أصبحت الإمبراطورية مسيحية إثر اهتداء قسطنطين، ألم يكن ذلك «تحقيقًا لإرادة الله»؟ نتسائل، ألم يكن من الأولى عدم سقوطها لكي تحمل سلام المسيح للعالم؟ لا، لم تكن هذه إرادة الله! أحيانًا، عندما يبدو أننا قد «فهمنا» مشيئة الله، وأن الأمور منطقية، يأخذ عالمنا منعطفًا مفاجئًا. أو نواجه تناقضات لا تتوافق مع إحساسنا الإنساني بالصواب والخطأ.
نواجه اليوم نفس نوع التحدّي في إنجيل شفاء الأعمى. يعبّر التلاميذ عن «صوتنا» في الإنجيل، سألوا «يا ربّ، من أخطأ أهذا أم أبواه حتّى وُلد أعمى؟» هم رأوا معاناة الأعمى، وقاموا بتحليل الموقف واعتبروا أن شخصًا ما قد أخطأ حتّى عاقبه الله بهذه القسوة.
لم تكن الثقافة الاجتماعية أيام المسيح تعاني بعد من نظرة عالمنا المعاصر الفردية. لذلك، هم عَرفوا أن كلّ ما تفعله يؤثر بالآخرين، وأن خطايا الآباء تلحق بالأبناء والأحفاد، وأن خطايا القادة تؤثّر على أتباعهم… عكس ما قد نعتقده، لا يوجد فعل نرتكبه معزول حقًا، فخطايانا (أو قداستنا) تؤثر على العالم من حولنا، سلبًا أو إيجابًا! بسبب حِسِّنا بالعدالة، نظن أن المصائب يجب أن تُصيب الأشخاص السيئين، والمكافآت للطيبين. لكن هذه ليست الطريقة التي يعمل بها العالم حقًا، فالأشرار والصدّيقون يتعرّضون للمعاناة أو المكافآت.
بمعزل عن هذه المؤثرات، أعلن حزقيال أن «النفس التي تُخطئ هي تموت. الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن. برّ البار عليه يكون، وشرّ الشرير عليه يكون» (١٨: ٢٠). لذلك، أجابهم يسوع «لا هذا أخطأ ولا أبواه، لكن لتَظهر أعمال الله فيه». بمعنى آخر، وُلد هذا الأعمى حتى يَظهر مجد الله للعالم من خلال شفاءه، لأن «منذ الدهر لم يُسمع أنّ أحدًا فتح عيني مولودٍ أعمى»!
قد نميل إلى الاحساس بالمظلوميّة، أنّ الله جعل هذا يولد أعمى ويعيش المعاناة كل حياته، فقط لكي يُظهر معجزة الشفاء؟ هل يخدم الله نفسه، ويسبب الألم لإظهار قدرته؟
يجب أن ننظر للوضع بعين الإيمان لا بعين إحساسنا الفردي بالاستحقاق. أولًا، يجب أن نؤمن حقًا أن كلّ ما لنا هو عطية من الله وأنّه لا يدين لأحد بشيء. كما عبّر أيوب رجل المعاناة «الرب أعطى والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركًا» (أيوب ١: ٢١).
ولكن، حتى لو كنّا نعتقد أن كل شيء هو هبة من الله، يبقى السؤال حول «عدالة الله»، لماذا يبدو أحيانًا أنه يمنح الغنى والقوة والرفعة والصحة للأشرار، بينما لا يستطيع الطيبون الحصول على قسط من الراحة؟
ما يغيب عنّا عند تحليل عدالة الله هو هذه الحقيقة البسيطة: هذا العالم ليس كل الوجود. عندما نرى قتل الأطفال والأبرياء وتجبُّر الأشرار وخسارة الصالحين لأملاكهم وجشع الآخرين وقسوتهم وحصول المستهترين على الكرامة وتحكّم الظالمين بالسلطة، فإن هذا العالم ليس كل الوجود. فقط في اليوم الأخير، في الدينونة، يصير كل شيء عادلًا.
وفي هذه الأثناء، يعمل الله على إعدادنا للحساب الأخير. قد لا يبدو «عادلًا» أن الأعمى، من أجل حياته الأبدية، احتاج أن يظل أعمى حتّى لقائه بالمسيح، لكنّه صار خليقة جديدة. والداه، كانا بحاجة لذلك أيضًا، وكذلك التلاميذ ورؤساء المجمع وغيرهم… لقد ساهم عمى هذا الأعمى بـ ٢٠٠٠ عام من الشفاء الروحي لكثيرين ممن سمعوا قصته.
المسيح يُعدنا، ولذلك أكمل جوابه للتلاميذ «ينبغي لي أن أَعمل أعمال الذي أَرسلني ما دام نهارٌ، يأتي ليل حين لا يستطيع أحدٌ أن يعمل. ما دمتُ في العالم فأنا نور العالم». هذا النور معنا الآن. وبينما لدينا النور، علينا أن نعمل معه. وفي نهاية المطاف، فإن ظروف حياتنا الأرضية مهمة بمقدار أنها أُعطيت لنا كمقدمة «للخيرات الآتية».
أكنّا مبصرين أم عميان، علينا أن ننظر إلى المسيح. أكنّا أغنياء أم فقراء، يجب أن نعطي كل شيء للمسيح. أكنّا أقوياء أم عاجزين، يجب أن نكون عبيدًا للمسيح. كل ما لدينا، مهما كان صغيرًا، نبذله في سبيل إعدادنا للحياة الأبدية. وهذه الحياة ليست «مُقبلة» فحسب، بل هي «الآن» أيضًا. «الآن في مرآة، في لغز، لكن حينئذ وجهًا لوجه» (١كو١٣: ١٢).
عندما سقطت القسطنطينية العظيمة بكل مجدها علمنا أنها كانت مؤقتة فقط. وحتى هذه الخسارة العظيمة كانت لكي يظهر مجد الله. لذلك، مهما كنّا عليه ومهما كانت المواهب التي أُعطيناها أو حتى التي حُرمناها، فلنقدّم كل شيء للمسيح. لكي نسجد للمسيح مع الأعمى ونواصل استعدادنا لمجد الحياة الآتية. أمين.

Комментарии

Информация по комментариям в разработке